U3F1ZWV6ZTM0ODMzMTk3MjY0OTE2X0ZyZWUyMTk3NTc5Mjg5MTI1Ng==

ارسطو - المعرفة الحسية

 اهمية معرفة الحواس 

ارسطوطاليس 
- علي عكس استاذه افلاطون فإن ارسطو يقدر المعرفة الحسية ويعلي من شأنها فأرسطو يقدر كل معرفة انسانية عموماً سواء كانت حسية او عقلية كما يقول في كتابه ( النفس ) " إن كل معرفة في نظرنا هي شئ حسن وجليل " ويجعل ارسطو الحواس هي نقطة البداية في طريق المعرفة وإن كانت الأولوية للعقل فإن الأولية للحواس والمعرفة الحسية ضرورية لمعرفة الماهيات التي اصبحت توجد في ذات الشئ بعد ان كانت مفارقة له عند افلاطون ولا توجد الا في عالم المُثل فكما عرفنا ان ارسطو وحد بين المادة والمثال فماهية الشئ توجد فيه وليست مفارقة له.

الإحساس 

- الإحساس كما يعرفه ارسطو هو ( انفعال العضو الحاس بصورة المحسوس ) فالإحساس لا يتم الا بوجود محسوسات خارجية وهناك مصطلحين ارسطيين يجب فهمهم جيداً : 
  1. الحس بالقوة 
  2. الحس بالفعل 
- الحس بالقوة يعني وجود الامكانية والاستعداد للإحساس فالإنسان والحيوان لديهم هذه الإمكانية والتي تتمثل في اعضاء الحس العين للبصر والاذن للسمع .... الي اخره ) فالكائن توجد فيه القوة علي السمع والبصر حتي وهو نائم فهو يحس بالقوة لان لديه الامكانية والاستعداد للإحساس فحين يفتح عينيه وتنفعل اعضاء الحس ( العين ) بالمحسوسات الخارجية ( اللون ) فإنه هنا يبصر بالفعل فارسطو يحل كل مشاكله علي هذا المنوال فالوجود بالقوة و الوجود بالفعل هو نقطة إرتكاز فلسفة ارسطو  فالوجود بالقوة يعني استعداد الشئ للوجود والوجود بالفعل هو عندما ينتقل هذا الشئ للوجود فعلاً كبذرة الشجرة مثلاً فهي موجودة بالقوة لان لديها الاستعداد لتصبح شجرة وحينما تُزرع وتنبت وتصبح شجرة فيحنها تكون موجودة بالفعل واذا كان هناك حس بالقوة وحس بالفعل فهذا ايضاً ينطبق علي المحسوسات لان ارسطو يميز بين ال
حاس والمحسوس ( بين الحواس و موضعاتها ) فهناك محسوسات بالقوة ومحسوسات بالفعل المحسوسات بالقوة تعني وجود الاشاء في العالم الخارجي جاهزة لينفعل بها الحاس ( عضو الحس ) وعندما ينفعل بها الحاس تكون محسوسات بالفعل.

- ومن هنا كان نقد ارسطو للسابقين عليه ومنهم افلاطون الذين قالوا بأن للنبات إحساس و رغبة  فقال ارسطو بأن هذا خطا فلكي يحس النبات يجب ان يكون له اعضاء للحس ( إحساس بالقوة ) والنبات ليس لديه اي اعضاء للحس والرغبة تتولد من الحس اذاً فلا حس ولا رغبة للنبات وإنتقد ايضاً ذيمقريطس و الطبعيين الذين قالوا بإن الإحساس هو اللمس فعند ارسطو الإ هو انفعال العضو الحاس بصورة المحسوس وليس بمادته وإنتقد ايضاُ من يقولوا بإن كل الإحساسات واحدة فعند ارسطو كل إحساس متميز عن غيره لإختلاف ادوات الحس.

- هناك شروط لكي تتم عملية الإحساس عند ارسطو وهي : 
  1. سلامة العضو الحاس 
  2. وجود المحسوس الذي هو موضوع الحاسة ( البصر موضوعه اللون ) 
  3. وجود وسط بين الحاسة والمحسوس - فإن عملية الإحساس عند ارسطو ليست عملية تصادم بين الحاس والمحسوس فقط بل هناك وسط بينهم كالضوء فهو وسط بين العين والإبصار ويجب ان يوجد بدرجة معينة حتي يتم الإحساس فإذا كان عالي جداً او قليل لدرجة العدم فلا يتم الإبصار و واجه ارسطو مشكلة خاصة هنا في حاسة اللمس والتذوق هل تتم لغياب الوسط فيها لكنه قال بان طبقة الجلد الخارجي هي الوسط لحاسة اللمس و رطوبة اللسان هي الوسط للتذوق.
  4. حد الإحساس - هو ما يسمي في العلم الحديث بالعتبة الحسية فلابد ان يتوافر المحسوس عند حد معين فإن العين لاتري الا اذا كان المحسوس علي مقربة منها كذلك بقية الحواس في حال تمام تلك الشروط يتحول الإحساس بالقوة الي إحساس بالفعل.

الإدراك الحسي والحس المشترك 

- يميز ارسطو بين مجرد الإحساس وبين الإدراك الحسي فالإحساس كما قولنا هو مجرد إنفعال العضو الحاس بصورة وصفات المحسوس واستفاد ارسطو في هذه النقطة ( التفرقة بين الإحساس والإدراك الحسي ) من استاذه افلاطون الذي قال في محاورة ( ثياتيتوس ) " ان الحواس هي التي ندرك من خلالها كل الاحساسات لكن لا ندرك بها " فإم عملية الإدراك عند افلاطون تتم عن طريق العقل فقط بينما رأي ارسطو ان عملية  الإدراك الحسي تتم داخل البدن بدون العقل وإلا فكيف نفسر عملية الإدراك الذي لا يملك عقلا للتفكير ؟ 

- وهنا قد ادركا افلاطون وتلميذه ارسطو إحتلاف عملية الإحساس عن الإدراك الحسي وتفوق التلميذ علي الاستاذ فإفترض ارسطو قوة جديدة داخل البدن سماها ( الحس المشترك ) فهي قوة معرفية وليست حاسة سادسة لان يمكن ان يوجد حاسة سادسة عند ارسطو ووفاقه في ذلك الشارح الاكبر له ( إبن رشد ) فقال : " لا يمكن ان توجد حاسة سادسة لانه اذا وجدت وجب عن ذلك وجود محسوس اخر خاص بها " ومن هنا يكون ارسطو قد حل مشكلة التمييز بين المعرفية الحسية والمعرفة العقلية لدي الإنسان والحيوان حيث الحيوانات وخاصة العليا منها ( القردة ) تتولد لديهم معرفة حسية وادراك حسي عن طريق الحس المشترك داخل البدن.  

الحس المشترك 

- الحس المشترك هو الحس الباطن الذي تتجمع عنده كل الإحساسات الأتيه من الحواس الظاهرة الخمس فهو بمثابة مركز لها يقوم بتحليلها وإدراكها والتمييز بينها وله عده وظائف : 
  1. إدراك المحسوسات المشتركة - كالحركة والسكون  ،  الشكل والمقدار  ، العدد والوحدة  - فإن الحولس تدرك هذه المحسوسات او بعض من جوانبها وتقوم بنقله الي الحس المشترك ليدرك ما هو مشترك بينها فإن الحس المشترك ما هو الا امتداد باطني للحواس الخمس الظاهرة ليقوم بتحليلها وإدراكها.
  2. إدراك المحسوسات المتغايرة ( المختلفة ) - فكل حاسة تنقل المحسوس الخاص بها دون ان تدركه او تميزه عن غيره من موضوعات الحواس الاخري فالبصر يفصل بين اللون الابيض والاسود والتذوق يفصل بين الحلو والمر ولكن لكي نفصل بين الابيض والحلو يجب الرجوع الي الحس المشرك.
  3. إدراك الإدارك ( الإحساس بالإحساس ) - هذه الوظيفة مهمة جداً لتمام عملية المعرفة الحسية داخل البدن فكما قولنا ان كل حاسة تدرك المحسوس الخاص بها مباشرة وحينما يغيب المحسوس لا تنفعل الحاسة لكن مع ذلك عندما يغيب المحسوس بعد الانفعال مع الحاسة تظل الإحساسات والصورة موجودة داخل اعضاء الحس فإن الحس المشترك مدرك للإدراك رغم غياب محسوسه.

التخيل

- بحث ارسطو في الخيال بوصفة قوة من قوي المعرفة الإنسانية فبعد ان اكد بنظريته في الحس المشترك ان الحيوان له القدرة علي المعرفة والإدراك الحسي وجد ارسطو ان هذا ليس اخر مايستطيع الحيوان ان يصل اليه فهناك حيوانات لها القدرة علي التخيل دون ان تمتلك عقل فعرف ارسطو التخيل بانه ليس إحساساً وليس تفكيراً لكنه لا يوجد بدون إحساس سابق عليه فهناك خيال مبني علي الإحساس و خيال مبني علي التفكير يتميز بيه الإنسان وحده لانه الوحيد القادر علي ترتيب الافكار وتكوين صور مجردة من الاحساسات ويزيد ارسطو الامر تفصيلاً في الفرق بين الإحساس والتخيل فيقول : 
ان الإحساس اما قوة واما فعل كالبصر و الإبصار لكن الخيال علي العكس فهو صورة توجد في غياب الحاس والمحسوس كالصورة التي نشاهدها في النوم وان الإحساس حاضر دائماً ( الإحساس بالقوة ) اما التخيل ليس كذلك ولو كان التخيل والإحساس نفس الشئ لوجب عن ذلك ان يوجود لدي جميع الحيوانات لكن البعض ليس لديه هذه القدرة كالنمل والدود ويقول ايضاً ان الأحساس صادق دائماً اما التخيل ففي معظم الاحيان كاذبة إذاً فالتخيل ليس إحساساً وليس معرفة علمية وليس حدس عقلي فهو كما يعرفه ( حركة متوالية علي الإحساس بالفعل ) اي انه متضمن في الإدراك الحسي ونتيجه له. 

الذاكرة والتذكر 

- يعرف ارسطو الذاكرة تعريفاً دقيقاً فيقول انها ( ليست إدراكاً حسياً وليست خيالاً ولكنها تأثير احداهما بشرط إنقضاء مدة من الزمن ) اذاُ وكما هو واضح في التعريف ان موضوع الذاكرة هو الماضي فقط فالحاضر هو موضوع الإدراك الحسي والمستقبل موضوع التوقع والذكرة عند ارسطو قد تؤدي وظيفتها تلقائياً او عفوياً وقد تستحثها الإرادة فإذا كانت بارادة سميت تذكر وهذا النوع خاص بالانسان فقط لانه يستلزم التفكير وتستعين فيه الإرادة بالحركات النفسية والبدنية ( المخية ) فالذاكرة والتذكر متوقفان علي مدي ترابط الصور والحركات وعلاقة اللاحق بالسابق اما ضرورية كعلاقة العلة بالمعلول واما تنشأ عن العادة ( وهو الغالب ) ويقول ارسطو في مؤلفه ( الميتافيزيقا ) : 
ان الحيوانات قد ولدت ولديها القدرة علي الإحساس بالطبيعة ومن الإحساس يتولد عند بعضها ذاكرة ولا يتولد عن البعض الإخر وان الحيوانات ذات الذاكرة تكون اكثر ذكاءاً واكثر قدرة علي التعلم من غيرها ( كالنحل ). 

- من كل ذلك يتبين ان ارسط يميز بين الإنسان والحيوان علي اساس معرفي فالفرق بينهم هو قدرة الإنسان علي تجريد المدخلات الحسية والتعامل معها وتشكيل الفن والمهارة الذي يؤدي الي العلم والفهم.   
  

تعديل المشاركة
author-img

Hossam Reda

وَمــا لِنَــفـسـي خَـلاصٌ مِـن نَـوائِبِهاَ وَلا لِغَـيـرِي إِلّا الكَـونُ فـي العَدَمِ
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة