حياته
- ارسطوطاليس بن نيقوماخوس هو اول فيلسوف محترف في التاريخ وصاحب عقلية فذة حيث سيطر مذهبه الفكري علي الفكر العالمي لمدة عشرين قرن من الزمان فهو واضع اساس مختلف العلوم ويعد المعلم الأول للبشرية بتأسيسه علم المنطق ( الاورجانون ) ومن المهم جداً ان نعرف حياة ارسطو لكي نفهم فكره لذا سنقسم حياته الي اربعة اطوار :
1- طور النشأة
- ولد ارسطو في مدينة صغيرة علي الساحل الايوني تسمي ( اسطاغيرا ) عام 384 ق.م في اسرة مرموقة فكان ابوه طبيباً مشهوراً فاستدعاه الملك امنتاس الثاني ( ملك مقدونيا ) ليكو ن طبيبه الخاص فترك ارسطو اسطاغيرا وذهب مع والده الي مقدونيا وكانت هذه فرصة ارسطو ليعرف كيف يعيش الملوك ولكن سرعان ما توفي والده وهو في سن الثامنة عشرة مما اضطرة الي مغادرة مقدونيا متجهاً الي اثينا حيث سيبدأ الطور الثاني من حياته.
2- طور التلمذة
- الطور الثاني من حياة ارسطو و الطور الأول من اطواره الفكرية وهو طور التلمذة وطلب العلم فبعد ان ترك ارسطو مقدونيا واتجه الي اثينا التحق ارسطو باكادمية افلاطون التي كانت قبلة لكل من يريد التعلم حينها وتربي ارسطو علي النظام التعليمي للاكاديمية الذي ارده افلاطون هو ان الفلسفة حوار وان الحقيقة ليست وقفاً علي رأي معين كما انها ليست سهلة المنال وسرعاً ما نبغ ارسطو واظهر براعة جعلته المجادل الاول لدرجة جعلت افلاطون يطلق عليه ( عقل الاكاديمية ) و ( القراء ) وجعله معلماً للجدل والخطابة في الاكاديمية وفي هذه الفترة كان ارسطو افلاطونياً خالصاُ متمسك بتعاليم استاذه افلاطون فهناك من يشكك في ان ارسطو كان يعاني من اضطراب فكري بصدد استاذه وانه مخالف له بسبب المناقشات في الاكاديمية بينهم لكن هذا غير صحيح فقد كتب ارسطو العديد من المحاورات علي النهج الافلاطوني وبنفس اسماء محاوراته علي الرغم من معظمها مفقود الا ان احداها هي محاورة ( اوديموس ) كُشف عن مضمونها فنجد فيها ارسطو متبني مبدأ فلسفي افلاطوني خالص وهو خلود النفس الا ان ارسطو فيما بعد في مذهبه الخاص لا يؤمن بخلود النفس مما يوكد علي افلاطونيته في تلك الفترة واستمرت هذه المرحله من حياته الي موت استاذه افلاطون 348 ق.م اي عشرون عاماً وهو في يدرس علي يد افلاطون.
3- طور التنقل والترحال
- هنا يبدأ الطور الثالث من حياة ارسطو وثاني اطواره الفكرية فبعد موت افلاطون قام ارسطو بمغادرة اثينا وهناك من يؤكد العداء بينه وبين استاذه بسبب هذه النقطة وان ارسطو حنق علي افلاطون لانه لم يجعله يرأس الاكاديمية بعده لكن هذا خطأ حيث ان الحقيقة هي ان ارسطو لم يكم معادياً لافلاطون في رئاسة الاكاديمية من بعده نظراً لان ارسطو كان هجيناً ارسطو كان هجيناً لم يكن يونانياً خالصاً والقانون الاثيني يحرم ان يمتلك شيئاً في اثينا ما لم يكن اثينياً ومن المؤكد ان ارسطو كان علي علم بهذه المادة وهذا يكذب هذه الادعاءات والسبب الثاني لترك ارسطو الاكاديمية هو خلافه الفكر مع ( اسبوسيبوس ) ابن اخت افلاطون ورئيس الاكاديمية من بعده حيث رأي ارسطو ان اسبوسيبوس سينحرف بنظرية المُثل الافلاطونية الي اتجاه رياضي لم يكن يقصده افلاطون حينما ربط بين المثال والعدد في اواخر حياته فاغادر ارسطو الاكاديمية مع ( اكسينوقراط ) متجهين الي اسيا الصغري بالتحديد الي مدينة ( اترنوس ) التي تعد معقل من معاقل الافلاطونية فهي بمثابة فرع من فروع الاكاديمية فقضي ارسطو عدة سنوات في اسيا الصغري وتزوج وانجب وكان ينوي الاستقرار الا ان جاءته دعوة من الملك فليب الثاني ملك مقدونيا ليكون معلم لابنه الاسكندر الذي كان يبلغ حينها الثالثة عشرة من عمره فوافق ارسطو وذهب الي مقدونيا ليكون معلماً للملك فكان انذاك يؤمن بالملك الفيلسوف عند افلاطون فكان معلماً للاسكندر الاكبر لمدة اربع سنوات كانت مليئة بالخلاف الفكري في السياسة بينهم فكان ارسطو يؤمن بالدولة المدينة الا ان الفتي العنيد كان يؤمن بالامبراطوريات وبالفعل حينما بلغ الفتي سن السابعة عشر بدء يخرج علي رأس الجيش المقدوني وابتعد عن استاذه بعد ان ذاق النصر العسكري وبعدها عاد ارسطو الي اثينا مرة اخري لكنه لم يرجع الي الاكاديمية علي الرغم من ان اكسينو قراط كان قد رأسها انذاك الا ان ارسطو قد بدأ فكره الخاص يتبلور فترك اسلوب الحوار في كتابته وبدأ مثل مؤلفة ( دعوة الي الفلسفة ) وبدأ الاتجاه العام لارسطو يميل ناحية التجربية واعطاء الحواس اهمية علي عكس استاذه الذي الغي دور الحواس نهائياً لكن ارسطو جعل الحواس نقطة بداية المعرفة الي جانب اعتقاده بأن العقل هو القوة المعرفية الاهم فارسطو يعد اتجاه توفيقي بين التجريبية وبين العقلانية ومن هنا قرر ارسطو ان يؤسس مدرسته الخاصة في اثينا علي الرغم من انه لم يملكها بسبب القانون الاثني وقد ساعده الاسكندر في ذالك مادياً ومعنوياً فرغم خلافهم الفكري الا ان علاقتهم كانت طيبة ومن هنل يبدأ الطور الرابع والاخير من حياة ارسطو.
4- طور الاستاذيه
ارسطوطاليس |
فلسفته
- ارسطو وكما عبر عنه جوستاين غاردر في روايته ( عالم صوفي ) هو رجل مهووس بالتفاصيل يريد اعادة تنظيم معارفنا فقام ارسطو بتنقية كل التراث الفلسفي من شوائب الاسطورة والخرافة وتصفيته بمعياري الحس والعقل فالتراث الفلسفي قبل ارسطو كان اما مذهباً تجريبي مادي كالطبعيين الأوائل وديمقريطس والسفسطائيون والتفسير المادي للعالم إما العقلانين كافيثاغورس وبارمنيدس وتلاميذه من الايلين وسقراط ثم بلغ ذروته مع افلاطون فالغي دور الحواس وقال بالعقل فقط وصنع عالم مفارق للمحسوس.
- من هنا انطلق ارسطو فكان عليه القيام بمهمة مزدوجة وهي ان يحد من تطرف الاتجاهيين الذي يقلل كلاً منهم من شأن الاخر وان يستكمل النقص الموجود في كليهما بتبني الافكار الايجابية في كلاً منهم فمزج ارسطو بين المحسوس والمعقول بين المادة وبين الصورة واقام البناء الفلسفي الجديد علي هذا الاساس خاصة الاصطلاحات الميتافيزيقية - الفيزيقية فقال :
- الوجود بالقوة = المادة
- الوجود بالفعل = الصورة
- استكمل ارسطو مشروعه الميتافيزيقي بنفس الطريقة حيث الف بين المادة والمثال فلم يوافق افلاطون علي ان الحقيقية ( المثال ) توجد في عالم مفارق ونقد نظرية المُثل الافلاطونية علي اساس عدم فاعلية المُثل في العالم المحسوس وانها فاعلية متخيلة وان المثال الافلاطوني ليس عِلة لاي شئ وقال بان ماهية الشئ كامنة فيه وليست مفارقة له كما اكد بنظريته عن التحام الصور بالمادة في كل اشياء هذا العالم الطبيعي فلا صورة بدون مادة ولا مادة بدون صورة الا الإله الذي هو صورة خالصة لا يشوبها المادة ومن هنا قد اضاف ارسطو المعقوليه ( الصورة ) الي العالم المحسوس ( المادة ) فلم يعد هناك حاجة لافتراض عالم مفارق توجد فيه هذه الصور و الماهيات.
- انعكست هذة النظرة التي زاوج بين المحسوس والمعقول في العلم والمعرفة وبين الصورة والمادة في الميتافيزيقا علي نظريته في الاخلاق والسياسة فتبني ارسطو نظرية اخلاقية توفق بين الواقع والمثال فقال بنوعين من الفضائل :
- فضيلة اخلاقية
- فضيلة نظرية
" الفضيلة وسط بين طرفين احداهما افراط والاخري تفريط " كالشجاعة مثلاً فهي فضيلة بين رذيلتين هما الجبن والتهور.
- الثانية وهي اسمي الفضائل في نظر ارسطو هي فضيلة التأمل النظري لانها تمثل فضيلة العقل الانساني في ذاته فإذا كانت الفذائل الاخلاقية بكل صورها تحكم العقل في الشهوه فإن الفضيلة النظرية هي فضيلة العقل بما هو بعيداً عن رغبات الجسد والتحكم فيها وفي حين لن افلاطون يري ان الخير الاقصي للانسان هو مزيج بين اللذه الحسية والتأمل العقلي علي ان تكون الاولية الي التأمل الا ان ارسطو فرق تماماً بين حياة التأمل النظري وبين حياة العمل واعتقد ان الخير الاقصي للانسان ان يعيش وفقاً لاسمي قواه العاقلة وهي قوة التأمل النظري وحينها سيحقق الانسان اعظم درجات اللذة والاستقلال والالوهية.
- وعلي نفس النمط جاءت نظريته في السياسة فحاول التوفيق بين الواقع والمثال عن طريق رصد الواقع السياسي واصلاح ما يمكن اصلاحه وعن طريق رسم معالم مدينة مثالية كانت اكثر استحالة للتطبيق من مدينة افلاطون المثالية نظراً للواقع الذي عاش فيه ارسطو وهو عصر الامبراطوريات والذي لم يشهده افلاطون فبدأ بتحليل الواقع السياسي وقام بجمع اكثر من مائة وخمسون دستور وساعده هذا علي التحليل الصحيح لاحوال الدول الحكومات وفرق ارسطو بين الدولة والحكومة فالدولة هي مجموع المواطنين اما الحكومة فهي هيئة من هيئات الدول الثلاث وكشف فكرة السلطات وضرورة الفضل بينها فالدولة تتكون من ثلاث اجزاء واذا حسن تنظيم هذه الاجزاء حسن نظام الدولة واجزاء الدولة هي :
- الجمعية العمومية
- هيئة الحكام
- الهيئة القضائية
ان تكون ذات موقع استراتيجي سهل الدحول والخروج للمواطنين صعبة علي الاعداء وان تكون ذات قاعدة بحرية ولا تزيد مساحتها عن مدي نظر فرد من فوق تبة عالية من الاربع جهات وان تكون الارض خصبة ويمتلك كل فرد جزء داخل المدينة وجزء علي حدودها ويجب ان يتوافق عدد السكان مع مساحتها ويحدد ارسطو العانصر الستة الضرورية لوجود المدينة وهي :
- المواد الغذائية
- الفنون
- الاسلحة
- المالية
- الكهنوت
- ادراة المصالح العامة واصدار الاحكام
- فيما سبق نري دائماً محاولة التوفيق بين الواقع والمثال بين المحسوس والمعقول ونجح ارسطو في هذا التوفيق في نظرية العلم والمعرفة و مشروعه الميتافيزيقي ونجح جزئياً في الاخلاق الا انه فشل في السياسة وتصوره لهذه الدولة المثالية الخالية من الحيوية صغيرة المساحة قليلة المواطنين في ظل واقع الامبراطوريات العظمي الذي شاهده ارسطو.
- كان لهذا النجاح الكبير لارسطو اضراره علي من جاءوا بعده فلقد ظل الجميع اسري لفلسفته ومنطقه طوال العصر الروماني والعصور الوسطي وقيل انه سبب تخلف اروبا لمدة الفي عام وقال رسل ان أوروبا لم تكن تتقدم خطوة الا اذا نقدت فكرة من افكار ارسطو - لكن هذا الجمود ليس بسبب ارسطو نفسه فهو لم يقصد ذلك فارسطو هو اكتمال للفلسفة اليونانية وانما سبب الجمود هم العلماء والفلاسفة ورجال الدين في العصور الوسطي.
- هذه هي الخطوط العريضة لفلسفة ارسطو دون الخوض في التفاصيل لان هذا سيتطلب مجلدات لا مقالة.
إرسال تعليق